قوله سبحانه وتعالى: {أتى أمر الله} يعني جاء ودنا وقرب أمر الله تقول العرب: أتاك الأمر وهو متوقع المجيء، بعدما أتى، ومعنى الآية أتى أمر الله وعداً {فلا تستعجلوه} يعني وقوعاً بالمراد به مجيء القيامة. قال ابن عباس: لما نزل قوله سبحانه وتعالى: {اقتربت الساعة وانشق القمر} قال الكفار: بعضهم لبعض إن هذا الرجل يزعم أن القيامة قد قربت فامسكوا عن بعض ما كنتم تعملون حتى ننظر ما هو كائن، فلما رأوا أنه لا ينزل شيء قالوا: ما نرى شيئاً فنزل قوله تعالى: {اقترب للناس حسابهم} فأشفقوا فلما امتدت الأيام، قالوا: يا محمد ما نرى شيئاً مما تخوفنا به فنزل {أتى أمر الله} فوثب النبي صلى الله عليه وسلم ورفع الناس رؤوسهم، وظنوا أنها قد أتت حقيقة فنزل {فلا تستعجلوه} فاطمأنوا، والاستعجال طلب مجيء الشيء قبل وقته ولما نزلت هذه الآية قال النبي صلى الله عليه وسلم: «بعثت أنا والساعة كهاتين ويشير بأصبعيه يمدهما» أخرجاه في الصحيحين من حديث سهل بن سعد.(ق) عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه سلم: «بعثت أنا والساعة كهاتين كفضل إحداهما على الأخرى، وضم السبابة إلى الوسطى» وفي رواية «بعثت في نفس الساعة فسبقتها كفضل هذه على الأخرى» قال ابن عباس: كان مبعث النبي صلى الله عليه وسلم من أشراط الساعة ولما مر جبريل بأهل السموات مبعوثاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم قالوا: الله أكبر قامت الساعة قال قوم: المراد بالأمر هنا عقوبة المكذبين وهو العذاب بالقتل بالسيف وذلك أن النضر بن الحرث قال: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك، فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم. فاستعجل العذاب فنزلت هذه الآية، وقلت النضر يوم بدر صبراً {سبحانه وتعالى عما يشركون} يعني تنزه الله وتعاظم بالأوصاف الحميدة عما يصفه به المشركون. قوله سبحانه وتعالى: {ينزل الملائكة والروح} يعني بالوحي {من أمره} وإنما سمي الأمر روحاً لأنه تحيا القلوب من موت الجهالات وقال عطاء: بالنبوة. وقال قتادة: بالرحمة. وقيل: الروح هون جبريل والباء بمعنى مع يعني ينزل مع الروح وهون جبريل {على من يشاء من عباده} يعني على من يصطفيه من عباده للنبوة، والرسالة وتبليغ الوحي إلى الخلق {أن أنذروا} يعني بأن اعلموا {أنه لا إله إلا أنا فاتقون} أي فخافون. وقيل: معناه مروا بقول لا إله إلا الله منذرين يعني مخوفين بالقرآن.